كتب- أحمد ربيع:
فعلاً أصبحنا في زمن العجائب، زمن اختلط فيه
الحابل بالنابل، هذه الوقائع التى نسردها لكم تعتبر من أغرب الجرائم التي
شهدتها مصر في الفترة الأخيرة، لأنها تدق ناقوس الخطر وتنذر بعواقب وخيمة،
أبطالها أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 10 إلى 13 سنة، خلعوا ثوب الطفولة
وأصبحوا مجرمين بعد أن تحولوا إلى قتلة ونشالين في العاصمة، مصراوي يرصد
لكم تفاصيل تلك الوقائع وقصة حياة هولاء الأطفال.
لص الساحل
مروان طفل يبلغ من العمر 12 سنة طالب بالصف
السادس الإبتدائي، يعيش وسط أسرته بمنطقة الساحل، لديه ستة أشقاء هو
أصغرهم، بدأت مأساة مروان عندما بدأت الأمراض تتملك من والديه وأصبحا
عاجزين عن توفير نفقات أولادهم، فهم من أسرة فقيرة يعيشون داخل شقة متواضعة
بالساحل.
كان الطفل مروان لديه أحساس بالمسئولية أكثر من
أشقائه، تمنى أن يصبح طبيبًا مثلما تمنى والديه، التحق بالمدرسة وتفوق حتى
وصل إلى الصف السادس الإبتدائي، فعندما تدهورت أحوال أسرته ولم يجدواً
مصدراً للرزق، قرر مروان أن يترك المدرسة وبدأ يعمل سائق توك توك لمساعدة
أسرته، خلع عباءة الطفولة وأصبح شخصاً آخر يبحث عن الأموال، ومنذ ذلك اليوم
وانقلبت حياة مروان رأسًا على عقب كان يخرج صباح كل يوم للعمل على التوك
توك ثم يعود في منتصف الليل ويعطي أسرته حصيلة ما جمعه من أموال، وبالرغم
من كل ذلك إلا أن مروان كان يريد أن يكمل تعليمه ولكن الظروف وقفت أمامه
عائقاً ضخماً.
وفي يوم ما كان مروان يجلس مع شقيقه لؤى وبدأ
يحكي له عن المعانأة التى يمر بها يوميًا وأبدى له رغبته في العودة للمدرسة
مرة آخري، وفجأة همس في اذن شقيقه وأخبره بأنه لديه فكرة ستجلعهما أثرياء
في وقت قصير، انتفض الطفل مروان من مكانه وبدأ ينصت لشقيقه وطلب منه أن يقص
عليه كافة التفاصيل حتى طلب منه أن يشتركا في سرقة المواطنين بالإكراه لم
يقتنع مروان بكلام شقيقه وأخبره بخطورة الجريمة وبعد إلحاح منه وافق مروان،
وبدأو يخططوا في تنفيذ هذه الحيلة، وبالفعل استعان الشقيقان بشابين آخرين
وكانوا يخرجون مساء كل يوم ويقفون في منطقة نائية، ثم يختارون ضحيتهم
بعناية فائقة ويخرجون أسلحة بيضاء ويسرقونه بالإكراه.
وفي أحد الأيام شاهدوا شاب يسير بمفرده، في أحد
الشوارع النائية وعندما اقتربوا منه وسرقوه بالإكراه فوجئوا به يخبرهم
بأنه ضابط، إلا أنهم اعتقدوا بأنه حيلة منه للإفلات من بين أيديهم، وتمكنوا
من سرقة 150 جنيه ولاذوا بالفرار، وكانت هذه آخر جريمة لهم بعدها سقطوا في
قبضة الشرطة لينالوا جزاء جرائمهم.
نشال أوسيم
داخل مركز شرطة أوسيم وقف الطفل فريد الذي لم
يتجاوز عمره 12 سنة شارد الوجة ينظر إلى من حوله وظل يتحدث وهو في حالة
هستيرية، قائلا : "انا برئ وابن ناس وعملت كده علشان كان نفسي اساعد ابويا
الغلبان وامي التي لا حول لها ولاقوة".
كان يتحدث المتهم بكل براءة والدموع تسيل من
عينيه، قائلا "انا عارف اني اللي انا عملته ده غلط وكمان سني صغير وميسمحش
بكدة لكن انا جدع وكان نفسي اخرج باسرتي من النفق المظلم اللي عايشين فيه
فانا طالب ذكي متفوق في دراستي جميع زملائي يحسدونني على اللى انا فيه ولا
أحد يعلم حجم المأساة التي اعيشها مع أسرتي بشكل يومي حتي جاء يوم وقررت
العمل دون علم أسرتي لأنها كانت هترفض خاصة انني كما ذكرت من قبل كنت متفوق
في دراستي".
وأشاف :" في أحد الأيام خرجت بعد انتهاء اليوم
الدراسي متجهًا إلى إحدى الورش وهناك رفض اصحاب الورش العمل معى لاني طالب
ومش هكون فاضي إلا بعد الساعة 2 الظهر وقتها أصيبت بالإحباط وقررت أن اكون
نشال في المواصلات العامة، وبالفعل نجحت في هذه المهنة لكن كان لازم يجي
يوم ويتم القبض عليا لاني متهم ومذنب".
وتابع المتهم :"ارتكبت العشرات من عمليات
السرقة واستطعت تجميع أموال كثيرة لكن لا أحد يستطيع الهروب من قدره"، وفي
النهاية أمر اللواء طارق نصر، مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة بإحالة
المتهم إلي النيابة للتحقيق التي أمرت بحبسه 4 ايام علي ذمة التحقيقات
تمهيدًا لإحالته إلى دور رعاية الأحداث لصغر سنه بعد أن وجهت له تهمة
السرقة.
شفرة موس
التقينا بالطفل أصغر نشال في مدينة نصر الذى
يبلغ من العمر 10 أعوام، في البداية وقف شارد الذهن ينظر إلى جميع من حوله،
عندما تشاهده تشعر وكأنه "ابن ناس" لم تتوقع أبداً أنه ينشل المواطنين،
ارتسمت علامات البراءة على وجهه وعندما تحدثنا معه بدأت الدموع تسيل من
عينيه.
وسرد لنا مأساته قائلاً "اسمي أحمد عندي 10
سنين، كنت بذهب للمدرسة باستمرار وكل المدرسين عارفين اني طالب ذكي انا
الوحيد اللي كنت بفهم الدروس بسرعة قبل كل زمايلي، كان نفسى اطلع مهندس
ولما حسيت أن التعليم مش هيساعدني في توفير الفلوس غير بعد سنين كثيرة،
اتخذت قرارًا أن اترك المدرسة وذهبت إلى أحد أقاربى وطلبت منه أن أعمل معه
داخل محل الحلاقة علشان اقدر اوفر مصاريف أسرتي، وانا على فكرة أصغر واحد
في أخواتي بس كنت شايل الهم والمسئولية من زمان قوي، كنت بشتغل أكثر من 8
ساعات في اليوم وكنت أعطي أهلي كل ما اتحصل عليه".
يتنهد أحمد ثم يواصل حديثه "لما امى ماتت ابويا
قالى تعالى اشتغل معايا انا وخالك ونسرق الناس في المواصلات وكنا بنختار
الناس اللى لابسة جلباب علشان نسرقهم بسهولة، كان كل دورى انى امسك شفرة
الموس وامزق جيب الجلباب وابويا وخالي يقفوا جنب الراجل يشغلوه في الكلام
علشان ميحسش بحاجة، انا كنت بتضرب الموس في أقل من 3 دقائق واسرق كل اللى
موجود في الجيب وعمرى ما اتقبض على، سرقنا أكثر من 30 واحد وفي كل مرة مكنش
حد بيشعر بينا واحنا في الأتوبيس ولما حسينا أن الشرطة بتحبث عننا قررنا
أن نبعد عن المنطقة لمدة شهر وبعدها عدنا مرة أخرى".
وتابع الطفل :"وفي أحد الأيام ركبنا أتوبيس
بمدينة نصر وشاهدنا راجل كبير يرتدى جلباب ابويا قالى هو ده اللى هنسرقه
وقربنا منه وجلست على الأرض بجواره وبدأ ابويا وخالي يتحدثان مع الراجل
وعندما امسكت بشفرة الموس وحاولت تمزيق جيب الجلباب فوجئت بالشرطة
والمخبرين قبضوا علينا كلنا.
وفي نهاية حديثنا معه قال أحمد أنا ندمان جداً
على اللى عملته ونفسي اخرج من السجن علشان أكمل تعليمي وابقى مهندس ولما
أخرج هشتغل واذاكر علشان اوفر مصاريف أهلي".
يقتل عشيق والدته
فاطمة سيدة في بداية العقد الخامس من العمر،
تعمل بائعة خبز بمنطقة الساحل، أصبحت قصتها حديث أهالى منطقة الساحل بسبب
الجريمة البشعة التى تسببت فيها وجعلت ابنها الصغير متهماً.
بدأت قصة فاطمة منذ 20 عاماً عندما تزوجت من
عامل بمحافظة القليوبية كان كل شيء بالنسبة لها، فهى كانت تعشقه بجنون ولم
تجرؤ على رفض أي طلب له، رزقهما الله بطفل اسمه منصور عمره 13 سنة، ومنذ
ذلك اليوم وكان الزوج يبذل كل جهد لكي يؤمن مستقبل ابنه وزوجته.. كان يخرج
كل يوم إلى عمله في أحد المصانع بشبرا الخيمة ويعود آخر اليوم مرهقاً من
شدة التعب وكانت زوجته تشجعه على ذلك، وبمرور السنين سرعان ما دبت الخلافات
الزوجية بينهما كالنار في الهشيم، وأصبحت فاطمة لا تطيق الحياة مع زوجها
الذى كان يعتدى عليها في معظم الأوقات.. طلبت فاطمة الانفصال عن زوجها
وبالفعل لبى طلبها الزوج وأخذت نجلها منصور وذهبت إلى منطقة الساحل.
وهناك استأجرت غرفة بسيطة هى ونجلها، وقدمت
لابنها منصور في مدرسة قريبة من السكن وقررت أن تعمل بائعة خبز، فهي من
أسرة فقيرة ليس لديها أي مصدر للرزق.. استمرت على ذلك عدة أشهر وكانت
حياتها تسير بشكل طبيعي حتى ظهر من نغص عليها حياتها، ففي أحد الأيام أثناء
جلوسها وهى تبيع الخبز شاهدت أحمد حارس العقار المجاور لها، وعندما وقعت
عيناها عليه تبادلا نظرات الإعجاب وتعرفت عليه، فهو شاب وسيم ممشوق القوام
نال اعجابها منذ الوهلة الأولى.. تعرفت عليه فاطمة ونشأت بينهما علاقة
صداقة وكان أحمد يعامل ابنها منصور مثل أخيه تماماً.
بدأت فاطمة تقص لأحمد عن مأساتها مع زوجها
وأنها تعانى من الوحدة لدرجة أنها لمحت له بأنها تبحث عن شخص يشبع رغباتها
الجنسية، وعندما وقعت هذه الكلمات على أذان أحمد بدأ ينصب شباكه حول بائعة
الخبز وأخبرها بأنه يريد أن يمارس معها الرذيلة، وافقت على الفور فاطمة
وطلبت من نجلها منصور أن يذهب لزيارة والده بالقليوبية، وبحلول الليل دخلت
فاطمة مع أحمد غرفة بالعقار الذى يعمل به وبدأت تمارس معه الرذيلة، وأثناء
ذلك عاد نجلها منصور ولم يجد والدته وبدأ يبحث عنها حتى أخبرها أحد الأشخاص
بأنها دخلت العقار المجاور لهم، دخل منصور باب العقار وشاهد باب غرفة أحمد
مفتوح، وبمجرد دخوله كانت الفاجعة التى كادت أن تطير بعقله شاهد والدته
عاريا تماماً في أحضان أحمد.
وقف الطفل منصور في حالة ذهول غير مصدق ما
شاهدته عينيه.. طلبت منه الأم أن يسامحها وأخبرته بأنها لن تفعل ذلك مرة
أخرى.. إلا أن منصور تملك الغضب منه وأمسك بعصا غليظة وتشاجر مع أحمد وهشم
رأسه حتى سقط وسط بركة من الدماء ونجحت والدته في الهرب قبل أن ينتقم منها،
وخرج الطفل من العقار ويديه ملطخة بالدماء وهو يقول" غسلت عارى بايدي".
0 التعليقات:
إرسال تعليق