كتبت- هدى الشيمي:
عندما أعلن القائمون على فيلم "الفيل الأزرق"
منذ سنوات، ترشيحها للعب دور "لبنى"، رفض الجمهور بحجة إنها جميلا حقا،
ولكنها ليست لديها مشاعر كافية لتلعب دور حبيبة يحيي راشد التي ما زال
يحبها بعد مرور عشرة أعوام، ورشحوا الكثير من الأسماء الأخرى والتي قد
تستطيع لعب الدور أفضل منها.
ولكن قبل عرض الفيلم العام الماضي، تغيرت تلك الآراء، وكان لنيللي كريم قطاع جماهيري كبير وضخم، بسبب "ذات".
بدأ تصوير ذات في عام 2011، وانتهى في عام
2013، وتأخر لسنوات قليلة، وتم تأجيله بسبب الكثير من الظروف، إلا أنه في
النهاية خرج بأبهى حلة له، وفاجأت نيللي كريم الجمهور، وتحولت كالسهم،
اخترقت قلوبهم، وعقولهم، وتحولت قصة حبها وزوجها عبد المجيد، من أشهر قصص
الحب في تاريخ الدراما المصرية، لواقعيتها، وتشابها مع الكثير من النساء
المصريات.
على الرغم من النجاح الذي حققته بأدوارها في
أفلام مثل "واحد صفر"، و"678"، "غبي منه فيه"، إلا أن ذات كان أكثر نجاحا،
قد يرجع ذلك لقدرة الأعمال الدرامية التليفزونية على تقريب الممثل من
الجمهور، والاعتياد عليه، واعتباره أحد أفراد عائلته، على عكس السينما،
والتي تحقق نجاحا كبيرا أيضا لنجومها، ولكنه يقتصر على بعض الفئات المعينة.
استغنت نيللي كريم في هذا المسلسل عن فكرة
كونها تلك المرأة الجميلة، والتي تشبه التماثيل الأغريقية، لما لها من جسد
نحته رقص الباليه الذي تعلمته منذ صغرها، وملامح الفتاة الغربية التي
ورثتها عن والدتها الروسية، وتحولت إلى أمرأة مصرية، يزداد وزنها مع مرور
الوقت، ويشيب شعرها مما يفعله به الزمان.
بنبرة صوتها، وانفعالتها، وطريقة كلامها
واسلوبها مع ابنائها وزوجها تمكنت نيللي كريم من تقديم "ذات"، ونقلت شعور
الفتيات المصريات بما يعيشوه من قلق وحيرة مرحلة المراهقة، وضغط أم لا ترغب
في التعايش مع متغيرات المجتمع، وصديقة تحظى بكل ما حرمت منه، وحبيب لا
يشعر بها، ثم زوج رجعي متسلط، ودوران في دائرة الحياة، فيقول عنها صنع الله
إبراهيم صاحب الرواية الأصلية المأخوذ عنها المسلسل، "أشعر أنها اقتربت
كثيرا من تجسيد الشخصية التى كتبتها".
بعد النجاح الذي حققته نيللي كريم في ذات، عادت
مرة أخرى إلى الشاشة الصغيرة بـ"غالية" في سجن النسا، لتصبح غالية بالفعل
على قلوب المشاهدين، ومن أفضل الممثلات بالنسبة للكثيرين.
اندهش كثيرون بأداء نيللي في "سجن النسا"، من
ناحية النقاد والجمهور، فشبه بعض المشاهدين نظرات عينها بنظرات الممثلة
الأمريكية ناتلي بورتمان، في الدور الذي حصلت به على جائزة الأوسكار في
فيلم "بلاك سوان"، أما النقاد فأعتبروها ممثلة الموسم الرمضاني الأولى،
والتي اصبحت مهرة السباق الرابحة دائما، وأشادوا بنضجها الفني.
سجنت نيللي كريم الجمهور، في منازلهم ليشاهدوا
المسلسل، ومع تألق الممثلتان روبي ودرة في المسلسل، إلا أنها اثبتت قدرتها
على الحضور، وأسر القلوب، وهذا نتيجة طبيعية، بعد عملها الدؤوب لفترة
طويلة، والتقائها بسجانات حقيقات، وزيارتها لهم، ومعايشتهم، لتتعلم طريقة
مكالمتهم، والاجواء التي يعيشون فيها.
ملكة سرايا عابدين، هكذا اعتبرها النقاد بعد
مشاركتها في الجزء الأول من المسلسل الذي أثار جدلا كبيرا، لما تردد حوله
من خلافات بسبب الأحداث التاريخية، ولكن نيللي كريم زادت من ذلك الجدل،
لابداعها في لعب دورين مختلفين، ومتناقضين تماما، الأول دور الأميرة
"صافيناز" زوجة الخديوي، والثاني شقيقتها التوأم الأميرة "جولانار"، وحافظت
على نفس القدرة من التميز في الجزء الثاني من المسلسل، والذي عٌرض خارج
الموسم الرمضاني.
خرجت نيللي كريم عن السيطرة، فادائها، وقدراتها
التمثيلية، وتقمصها للشخصيات، وأصبحت فنانة لا يمكن لأحد التحكم فيها، أو
كبح جماحها، وأقنعت الجميع بأنها "مريم" المدمنة، التي تعاني صراعا نفسيا
ضخما، وحيرة وشك كفيلان لدفع أي شخص لإنهاء حياته، في مسلسل "تحت السيطرة"
المعروض على القنوات الفضائية هذا الشهر.
في تحت السيطرة، فقدت نيللي كريم التحكم في
نفسها، فمثلت الصراع الذي يعانيه المدمن تعلقه بقشة، إذا فقدها يعود أسوأ
مما كان عليه، فهي وبحب زوجها لها، وتشابه المشاهد التي جمعت بينهما بمشاهد
الأفلام الأمريكية الرومانسية، والمسلسلات التركية، انتكست وعادت مرة أخرى
للمخدرات، بعد أول صراع حقيقي مرت به.
انفعالتها الغير مبالغ فيها، رعشة يديها،
وصمتها وتحدث عينيها خلال العشر حلقات المعروضات حتى الآن، وقد يرجع
اتزانها في تقديم الدور لمقابلتها لمرضى ومدمنين وأطباء، ومتعافين من
الإدمان، لدراسة أحوالهم، لكي تبدو على الشاشة بدون ابتذال، رشحها لتكون
أفضل ممثلة للسنة الثالثة على التوالي، ويجعل مسلسلها، من أفضل المسلسلات
التي عٌرضت هذا الشهر، بشاهدة النقاد والجمهور.
على مدار ثلاثة أعوام، تمكنت نيللي كريم من
أثبات قدرتها على الإبداع، وامتلاك طاقات تمثيلية ضخمة، فحققت نجاحا كبيرا،
قد يرجع ذلك إلى جديتها في التعامل مع أدوارها، وإلمامها بكل التفاصيل
الخاصة بأي دور تلعبه، والذي من الممكن أن تكون ورثته من والدتها الروسية،
حيث أن الشعب الروسي يتسم بالجدية في التعامل، والالتزام في العمل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق